
وشددت مصادرنا على انه تم إرفاق عملية فسخ الديون الفلاحية الصغيرة بجملة من الشروط والمقاييس الواجب توفرها في المعنيين بالإعفاء وتتمثل أساسا في التأكد من عدم قدرة الفلاح على تسديد هذا المبلغ وأنه من فئة الفلاحين ضعاف الحال مبرزة أنه تم التفطن في السابق إلى أن بعض الفلاحين لهم موارد مالية أو مداخيل أخرى من مشاريع ثانوية تهربوا من عملية التسديد وخلاص الديون.
ولاحظت مصادرنا أن الهدف من هذا الإجراء هو تحقيق هدفين اثنين، الأول أن الدولة في حاجة إلى استرجاع أموالها وتطالب باسترجاع مستحقاتها والثاني مقاومة عقلية التواكل باعتبار أن عددا لا بأس به من الفلاحين على مختلف أصنافهم تعودوا على عدم الخلاص وانتظار اتخاذ الدولة قرارات سياسية لفسخ الديون. وأضافت مصادرنا أن بعض الإشاعات بدأت تروج أن الدولة ستقوم في سنة2014 بمحو كل الديون الفلاحية مفندة هذه الأخبار.
ملف ثقيل ومليء بالمشاكل
ورأت ذات المصادر أن ملف المديونية في القطاع الفلاحي أضحى عبئا ثقيلا وجب معالجته وفق تصور جديد يقطع مع الممارسات السابقة القائمة على الحلول المسكنة والظرفية وخاصة ربطها بقرارات سياسية بحتة.
وأشارت في هذا الصدد إلى أن ملف مديونية القطاع الفلاحي أصبح يمثل إشكالا هيكليا منذ السبعينات وانه تم تناوله في مناسبات عديدة وتم اتخاذ إجراءات متنوعة خاصة سنتي 1989 و1999 ومن أهم الإجراءات فسخ الديون لصغار الفلاحين وإعادة الجدولة للفلاحين الذين لهم ديون أكثر من ألفي دينار ولكن تبين أن هذه الإجراءات لم تعط النتيجة المرجوة إذ انه بعد15 سنة تعود الوضعية كما كانت وتعود المديونية أكثر من السابق وعدد الفلاحين المكبلين بالمديونية في ارتفاع كبير.
وفسرت مصادرنا أن المعالجة كانت جزئية وغير معمقة كما أن تناولها كان لأسباب سياسية بحتة مشيرا إلى أن عملية فسخ الديون في سنتي 1989 و1999 تزامنت مع الانتخابات الرئاسية والتشريعية.
وضعية مثقلة بالديون
وبينت المصادر الحكومية أن من أول القرارات التي اتخذتها الحكومة السابقة والحالية في 12 جانفي 2012 تكوين لجنة وطنية لدراسة مديونية القطاع الفلاحي ملاحظة أن اللجنة مستقلة وتجمع كل الأطراف المعنية (المهنة ووزارة الفلاحة ووزارة المالية والبنوك) وانها قامت بالتدقيق في كل المعطيات الخاصة بالمديونية وجمع المعطيات وتحليلها وتحليل القرارات التي تم اتخاذها في سنتي 1989 و1999 .
وقالت مصادرنا أنه تبين من خلال الدراسة التي أنجزتها اللجنة أن التعهدات الفلاحية لدى كل البنوك إلى غاية 30 جوان 2013 بلغت 2074 مليون دينار منها 1049 حل أجل خلاصها ولم تستخلص وهي موضوع الإشكال.
وتهم هذه الديون 132 ألف فلاح أي ربع عدد الفلاحين التونسيين (حوالي 516 ألف فلاح حسب آخر إحصاء في سنة 2008) كما أن 83 بالمائة من الديون غير المستخلصة تم إسداؤها عن طريق البنك الوطني الفلاحي أي حوالي 858 ملبون دينار وتهم 112 ألف فلاح.
وأظهرت المعطيات والبيانات الإحصائية أن التعهدات المالية للقطاع الفلاحي (2074 م د) لا تمثل سوى 5 بالمائة من جملة التعهدات ما يدل على أن القطاع لا يحظى بالأولوية القصوى في التمويل مقابل 49 بالمائة للخدمات و36 بالمائة للصناعة و10 بالمائة للسياحة أي أكثر من 300 مليون دينار .
تصورات جديدة في إيجاد الحلول
وتطرقت مصادرنا إلى المقاربة الجديدة لمعالجة المديونية في القطاع الفلاحي والتي تستند إلى عنصرين اثنين أساسيين الأول أنه لا يمكن الحديث عن معالجة المديونية دون التطرق إلى جانب تمويل القطاع الفلاحي ككل من خلال التامين الفلاحي إذ أنه من دون التأمين فإن القروض تبدو محدودة والبنك متردد في إسداء القروض مقابل المخاطر الطبيعية ولأجل ذلك وجب التركيز على التامين لتغطية الأضرار التي قد تلحق المستغلات الفلاحية.
وأشارت مصادرنا الى أن التأمين في القطاع الفلاحي لا يتجاوز نسبة 7 بالمائة لأسباب دينية وشخصية وان الفلاح غير مقتنع بالتامين.
أما العنصر الثاني فيتمثل في أن السياسة السابقة في معالجة المديونية رسخت سلوك وعقلية التواكل لدى عدد لا يستهان به من الفلاحين وذلك بالنظر إلى القروض كأنها مساعدة ودعم من الدولة وأن الدولة في حال استفحال المديونية ستجبر على فسخ الديون بقرار سياسي، مشددا على أن هذه العقلية أضحت عائقا أمام حل مشكل المديونية.
سامي بن هنية
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق